"الغارديان": أكثر من 3600 هجوم على "الرعاية الصحية" في مناطق النزاع خلال 2024
"الغارديان": أكثر من 3600 هجوم على "الرعاية الصحية" في مناطق النزاع خلال 2024
شهد عام 2024 رقمًا قياسيًا في الاعتداءات على العاملين في القطاع الصحي والمرافق الطبية في مناطق النزاعات المسلحة، حيث سُجلت 3623 حادثة، أي ما يعادل 10 هجمات يوميًا، وفقًا لتقرير صدر عن تحالف حماية الصحة في حالات الصراع.
وأوضحت صحيفة "الغارديان" البريطانية، اليوم الاثنين، أن هذا الرقم يشمل ضربات جوية وصاروخية بطائرات مسيّرة استهدفت مستشفيات وعيادات، إضافة إلى حالات نهب، واحتجاز، واختطاف، وقتل للعاملين الصحيين، في مؤشر اعتبره الخبراء "ترسيخًا لمستويات جديدة من الرعب".
غزة في الصدارة
شكّلت غزة والضفة الغربية محور أكثر من ثلث إجمالي الحوادث، بينما رُصدت مئات الهجمات الأخرى في أوكرانيا، ولبنان، وميانمار، والسودان، ووفقًا للتقرير فإن 81% من هذه الهجمات ارتُكبت على يد جهات حكومية، ما يثير تساؤلات خطيرة حول مدى الالتزام بالقانون الإنساني الدولي.
وتقول كريستينا ويلي، مديرة منظمة “Insecurity Insight”، المشاركة في إعداد التقرير: "نشهد تآكلًا كاملًا لاحترام القانون الإنساني.. الرعاية الصحية لم تعد تُعامل كمجال محمي، بل كهدف مشروع".
ووثق التقرير 1111 هجومًا دمّر أو ألحق أضرارًا بمنشآت صحية، ومقتل 927 من العاملين الصحيين، وكذلك اعتقال 473 عامل وموظف، واختطاف 140 شخصاً، ومن بين هؤلاء، نفّذ جيش الدفاع الإسرائيلي أكثر من 55% من حالات الاعتقال في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، وسط تقارير عن انتهاكات جسدية وجنسية في مراكز الاحتجاز، بحسب لجنة حقوق الإنسان في غزة.
أما في لبنان فتم تسجيل ما يقارب نصف حالات القتل، وغالبيتها كانت ضمن صفوف المسعفين الذين قضوا في عملية "سهام الشمال" التي شنتها إسرائيل.
الطائرات المسيّرة ترفع فاتورة الدم
حذر التقرير من الزيادة الكبيرة في استخدام الأسلحة المتفجرة في الهجمات ضد قطاع الرعاية الصحية، حيث ارتفعت نسبتها من 36% عام 2023 إلى 48% في 2024، وأرجع السبب الأساسي إلى تصاعد الاعتماد على الطائرات المسيّرة.
لكن القلق لا يقف عند الأرقام، فبحسب معدّي التقرير، فإن العدد الحقيقي للهجمات قد يكون أعلى بكثير بسبب صعوبات التوثيق في مناطق النزاع، حيث تُقمع المعلومات وتُستهدف الفرق الميدانية.
صعود الإفلات من العقاب
يرى ليونارد روبنشتاين، رئيس التحالف، أن "هذا التصعيد يحدث في الوقت الذي تحاول فيه الحكومات إعادة تفسير القانون الإنساني الدولي لصالحها، وتقليص الحماية الممنوحة للرعاية الصحية والمدنيين في الحروب".
واستشهد بعقوبات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد موظفي المحكمة الجنائية الدولية بعد شروعهم في التحقيق بجرائم حرب إسرائيلية، وكذلك قانون روسي صدر عام 2023 يجرّم التعاون مع المحكمة الدولية
ويضيف روبنشتاين: "كل اعتداء على منشأة صحية أو طبيب هو جريمة مزدوجة؛ أولًا، لأنه استهداف مباشر للحياد الطبي، وثانيًا لأنه يقوّض القدرة على إنقاذ الأرواح في أصعب لحظات الصراع".
توصيات التقرير
طالب التقرير بتحقيقات وملاحقات قضائية عبر المحكمة الجنائية الدولية، ورفض أية محاولات جماعية لإعادة تفسير القانون الإنساني الدولي، وكذلك تبنّي معاهدات وتشريعات تعزز حماية الرعاية الصحية، إضافة إلى مراجعة البروتوكولات العسكرية لضمان احترام المرافق الطبية في العمليات القتالية.
يشكل استهداف العاملين الصحيين والمنشآت الطبية خرقًا جسيمًا لاتفاقيات جنيف ويعد جريمة حرب بموجب القانون الدولي، ومع ذلك، تشهد السنوات الأخيرة تصاعدًا غير مسبوق في استخدام الرعاية الصحية كأداة في الصراع، سواء للضغط على السكان المدنيين، أو لكسر صمود المجتمعات في المناطق المحاصرة.